بعدَ إنتهاء فترة الحب الباردة التي مرت من خلالك، تشقك شمس الفراق لتبعث الدفء إليك من جديد، تعود نفسك خائبتاً إليك، ويَعُود قَلبُك الىٰ موطنهِ الأول بعدَ نجاتِهِ من حربٍ على أَرض لَم تُخلق لأجلِه، نعم يعُود قلبك أيضاً وهوا يبكي فقداً وشوقاً، وفي خطواتِه للعَودة يتعثّر، بَدأ ضعيفٌ ومُرهق، وفَقد قدرتِه على البقاء صامداً، تبدأ بالقسوةِ على نفسِك وتمسُك عنقها بقوةٍ حتّىٰ تختنِق، ويُعانِق كِبريائُك غيمةَ الكِتمان عن ما يحدث لك، تظنّ ان البَوح لا يغير شيءً، كيف لَك أَن تُقاوم ما يَحدُث لَك دون التضرّع أَو السقوطَ أرقاً، تَتماسك وتُحاول جَمع شِتَات مَا تبقىٰ منكَ، تَعتَقِد أنّك واثِقٌ يوماً مَا ستُعود ويُعود قَلبُك لحيَاتهِ مثل قبلِ بَعد أن تبلّد، وأنت فِي هذهِ الإعتقادَاتُ تعبرُك أشياءٌ جميلة تُفكر فِيها ولا تَستَطِيع أَن تُجمدّها للحظَة، تَجلُس منعزلًا لوَحدِك وتُزعِجُك الذّكرَيات التِي تَتذكّرها بدقةٍ كأنّها تحدُث معَك الآن وتُرغمُك عَلىٰ العَودةِ لنقطةِ البداية، تهدمُ ما كنتَ تبنِيه فِي وقتٍ لا يطَاق فيهِ شيئاً، بَينما تَستفزّك الأفكَار الحَادة بنفسِك وَلا تَستَطِيع حِفظها او كِتابَتُها، أيَن اولَئكَ الذِين يُقنعُون أنفُسَهُم بأنهّم اصدقائَك وانتَ تَدّعي انهّم نِصفَك لَم يُكلفّوا عَناء إسترجاعِك لنَفسِكَ الاولَى ولا تَرتيب فَوضَاك والإِستمَاع لأَحادِيثك المُملة التِي تَعتَبرُها طرَيقةٍ للبوحِ، تَتقَمّص دَور اللّامُبالي وشُعورك يَتمدّد بِشكلٍ مُمل وباهِت، تَبتَسم مجدداً دُون تَراكُمات لمَوقفٍ سَابق يُحبط إِبتسَامتُك، تَذهب لطَاولتك السابِقة المُفضلة تَرى الكَراسِي فارغةً، للحظةٍ تُفكر بأن كَراسِي فارغةً أفضَلُ نِسبياً مَن أشخَاص غَير حَقِيقين ومُخاذلين، تخيّل أوجَاعِك بِبُطءٍ وتَلذّذ ألمَ خَلفهُ شعُورك بإِحتياجُك للأخرِين وتَأَملِهُم، حَاول أَنْ تُصالح نفسَك وذَاتِك وتَستمتع بِكَونك إنسَانٌ وحِيد لا يَستَسلم لشَيء، نَعم أيضاً حاوِل أَن تُغيّر كُل لَون رَمادِي فِي حَياتُك الىٰ لَونٍ زَاهِي يَسترجَع لَك الحيَاة الرَائِعة، وفِي اخرِ ايّام عاصفةَ الفُراق ومَاخَلفتهُ لَك فتُشرِق شمسً غَير الشمسِ الذي شقتكَ، تَعلُو فِيه أمنياتُك بالدّعَاء، تجلِس مع نَفسُك وتشرَبُ قَهوتُك هَذهِ المرّة بِتفكيرك كَيف ستَمضِي بَعد عَودةِ الرّوح الإيجَابِية، تَبدأُ هَادئاً لتَرى انّك رمّمت مَا تَبقّىٰ منكَ، لَا تُحاول مَعرِفة كَيف بَدأ قلبُك مُطمئناً وشُعورك بالرّاحَة، لانّه عَدم معرفتُك لهذِه الاسبَاب، سعَادةٌ مُضاعفَة، فِي اخرِ هذا اليوم، تصلّي وترفَع يديكَ عَالياً لهُ تَضرعاً وحمداً، لَن تكف عَن الكَلام .
- مُهند الزهراوي .
تعليقات
إرسال تعليق