ما من شيء أحب إلى الله من شابٍّ تائب.
شاب يخاف الله يرجوا ما عنده، يقيم الصلاة، محسن مستقيم، ينصح من حوله، بار بوالديه، وهذا كله لا يعني أنه معصوم من الخطأ، فربما تغلبه شهوته، أو تغره الدنيا ويغرق ويتعمق فيها، ويتبع شهواته ويرتكب المعاصي.
لماذا وقعت في الذنب :
أول شيء لا ذنب أقوى من إرادتك، وهذا الشيء موجود في الشريعة على عدة مستويات من الإيمان، هناك طاعات على قدر أقل الناس إيمانًا وهمة، وهناك طاعات على قدر العُبَّاد الكبار، أما المعاصي فكلها على قدر أضعف عبد فينا، وهذا ما فهم من آية وحديث، ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) فلا يوجد حرام أصعب من قدراتك، والحديث : ما أمرتكم به من شيء فأتوا منه ما استطعتم، لأن الطاعات كثيرة، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه، لأن أي شيء محرم يكُون بقدرة أضعف إنسان فلا يوجد حرام لا نقدر عليه.
ولكن أين المشكلة !
1. وهم خسارة الإستغناء :
فالشيطان يرمي في عقولنا فكرة عدم قدرتنا على الإستغناء عن الذنب، فمثلا متعاطي المخدرات لا يتصور يومه من غيرها، أو طالب لا يُدرك كيف سينجح من غير غِش.
2. الإنتماء لمجتمع الذنب :
هناك نظرية في علم النفس تقول : ضغط المجتمع أو عقد المجتمع، فلو كنت تعيشُ في مجتمع السُّكر فمن الصعب أن لا تَسكِر، أو في مجتمع كسول أو مجموعة كسولة سيصعب عليك جدا فعل أبسط مجهود وستجد نفسك مرهق ومغلوب، ولكن عندما تنظر لمجتمع أو مجموعة مختلفة ستجدهم يفعلون الشيء نفسه وبكل سهولة، فلو وضع موظف ممتاز وملتزم في مجتمع فاشل سيفشل، والعكس صحيح
الله ينتظرك :
في حديث قدسي : ((وعزتي وجلالي إن أتاني عبدي ليلاً قبلته، وإن أتاني نهاراً قبلته، وإن تقرب مني شبراً، تقربت منه ذراعاً، إلخ...)).
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، أي ما دامت سنة الرسول قائمةً في حياتنا، فنحن في مأمن من عذاب الله، والشيء اللطيف ( وما كان ليعذهم وهم يستغفرون )، فأنت في نعمتين : أن تكون مطبقا لمنهج الله، أو أنك لم تكن مطبقًا فتستغفر، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنَّهُ قالَ: ( ..... يا عِبَادِي إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، ..... ).
فهذا الكلام يجعلك ويزيد من رغبتك في الرجوع إلى الله وأنت مُطْمَئِنٌّ وسعيد.
ملخص الكلام :
• الكل يُذنب لولا ستر الله عليه.
• تعلم شيء إسمه الترك وكيفية الترك.
• أترك وهم خسارة الإستغناء وغير مجتمعك.
• الله ينتظرك فعُد وأنت مُطْمَئِنٌّ وعليك الأمان.
وأختم بأبياتِ للإمام الشافعي :
ما في المقامِ لذي عقلٍ وذي أدب
مِنْ رَاحَة ٍ فَدعِ الأَوْطَانَ واغْتَرِبِ
سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقهُ
وَانْصِبْ فَإنَّ لَذِيذَ الْعَيْشِ فِي النَّصَبِ
إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ
إِنْ سَال طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست
والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمة
لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَرَبِ
و البدر لولا أفول منه ما نظرت
إليه في كل حين عين مرتقب
والتَّبْرَ كالتُّرْبَ مُلْقَى في أَمَاكِنِه
والعودُ في أرضه نوعً من الحطب
فإن تغرَّب هذا عزَّ مطلبهُ
وإنْ تَغَرَّبَ ذَاكَ عَزَّ كالذَّهَبِِ
وأبيات أُخرىٰ له :
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ
لا تَيْأسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً
لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ
إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ
فحَسْبُك اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
- أحمدالجوهري رشيد عيسى
تعليقات
إرسال تعليق